هل الله كلي السيادة على كل ثانية من الزمن؟
الله كلي السيادة. فهو يسود على الكل، حتى تلك المعجزات مثل التي حدثت في وقت الصليب - وكل شخص، وحدث، ودقيقة، وثانية - يسود على الخليقة كلها. وهو يفعل كل ما يرغب به (الخروج 15: 18، 1 أخبار الأيام 29: 11-12، 2 أخبار الأيام 20: 6، مزمور 22: 28)، بينما يحتفظ بحق التحكم في كل شيء، فإنه فعليًا يأمر بحدوث الأشياء بطريقة حيوية ويحقق حدوث كل ما يدور على الأرض (التثنية 32: 39، 1 صموئيل 2: 6-8، أيوب 9: 12، 12: 6-10، مزمور 33: 11، 115: 3، 135: 6، إشعياء 14: 24، 45: 7، أعمال الرسل 15: 17-18، أفسس 1: 11). وهو يتحكم في أبسط الأشياء مثل نتيجة إلقاء القرعة (أمثال 16: 33)، وحتى أعظم أحداث الأرض (مثال إشعياء 45: 1-4). وهو يتمم كل الأشياء بحسب إرادته. كما أنه يتحكم ويشرف على ما يحدث "مصادفة" (1 ملوك 22: 20، 34، 37)، والأعمال الشريرة للبشر (تكوين 45: 5، 50: 20، الخروج 4: 21، القضاة 14: 1-4، مزمور 76: 10، أمثال 16: 4، 21: 1، إشعياء 44: 28، عاموس 3: 6، أعمال الرسل 2: 22-23، 4: 27-28)، وأعمال البشر الصالحة (يوحنا 15: 16، أفسس 2: 10، فيلبي2: 12-13)، وأعمال كل من الأرواح الشريرة والملائكة الخيّرة (1 صموئيل 16: 14-16، 1 ملوك 22: 19-23، 1 أخبار الأيام 21: 1، 2 صموئيل 24: 1، مزمور 103: 20-21، 104: 4)، طباع الحيوانات (العدد 22: 28، 1 ملوك 17: 4، مزمور 29: 9، إرميا 8: 7، حزقيال 32: 4، دانيال 6: 22)، وكل العمليات التي تدير الخليقة كلها (التكوين 8: 22، مزمور 104: 5-10، 13-14، 19-20، مرقس 4: 39).
يمكن صياغة مثال من الزمن الحديث لهذا والذي يمكنه أن يرجعنا إلى البداية كالتالي:
بالرغم من أن كل مثال زمني لما هو أبدي هو محدود ولا يجب أن نوسعه بشكل كبير ليلائم ما يمثله، فكر في إناء مليء بالكرات الصغيرة "البيضاء" الرائعة. توجد 100 كرة في وعاء جميل من الكريستال. رقم 100 يمكنه أن يمثل كمال الزمن، كما صممه الله، الذي خلق الزمن "في البدء" (التكوين 1: 1، 31). بالإضافة إلى ذلك، قد يمثل رقم 100 كل حدث منذ الخليقة. تتلامس كل كرة وتتفاعل مع باقي الكرات حولها. لا يمكننا أن نحرك كرة بدون تغيير علاقتها بكل الكرات الأخرى في الإناء. فحتى الحركة الصغيرة، التحول الصغير لكرة واحدة، يغير علاقة باقي الكرات كلها في الإناء وعلاقتهم بعضهم بالبعض.
إن قلنا إن الله يتحكم في كرة واحدة فقط (أي، من السياق المذكور أعلاه، زمان يسوع)، فمن الحتمي أنه يجب أن يتحكم في كل كرة، كل حدث، كل شخص، كل ثانية إلى الأبد. لا يمكنه أن يتحكم في الواحدة بدون التحكم في كل الآخرين. الله كلي السيادة بقداسته (انظر أدناه).
من هنا، يمكننا أن نطور المثال ونلون كرة واحدة من الكرات "البيضاء" باللون "الأسود". وسنسميها "كرة آدم" (كرة الخطية، كرة الفساد الكلي، كرة الموت، إلخ) - التكوين 3.
لم يُفاجأ الله بأن هذه الكرة "البيضاء" تلونت "بالأسود" عن طريق الخطية المميتة. لقد خطط لهذا الأمر قبل أن يحدث (انظر متى 25: 34، أفسس 1: 4، 5، 11)، لأن يسوع هو الحمل الذي ذُبح "قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ" (رؤيا 13: 8، قارن 1 بطرس 1: 20).
لكن لاحظ أن الله لم "يخلق" تلك الكرة "السوداء". فهو خلق الكرات "البيضاء"، ولكنه لم يجعل الكرة "البيضاء" تتلوث "بالأسود". لقد أُعطيت لآدم الوصية ألا يأكل من "شجرة معرفة الخير والشر" (التكوين 2: 17) الكاملة الحُسن (التكوين 1: 31). لم تكن خطية آدم أنه أكل من شجرة "سيئة"، ولكن أنه عصى الله بإزالة "الحسن" مما هو "حسن" (الثمر "الحسن" من الشجرة "الحسنة" والتي خلقها الله شخصيًا وأبتدعها) بعكس وصية الله. كان آدم عاصيًا. فالإنسان، وليس الله (يعقوب 1: 13-15، 1 يوحنا 1: 5) هو من صنع الشر وبالتالي لوث نفسه فأصبح غير قادر وغير راغب (رومية 8: 5-8) أن يعكس "بياض" خالقه.
غيّر "سواد" الخطية والموت هذا علاقة كل كرة في الإناء بباقي الكرات. كما غيّر علاقة كل الأحداث والأشخاص ببعض. فقد لوث كل ثانية من الخليقة منذ أن وضعت في الإناء. فكل الكرات في الإناء الآن أصبحت "سوداء" إذ أن السقوط لطخها.
نتذكر أن الله بارك آدم وحواء وقال لهم: "أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا" (التكوين 1: 28). كان على آدم وحواء أن ينشروا صورة الله "المختارة" (لم يكون آدم وحواء قد سقطوا بعد، فالصورة الوحيدة التي كان من الممكن أن ينشروها كانت "صالحة" أو "بيضاء"، أو "صورة المختارين"، التكوين 1: 31) على الأرض كلها. إلا أنه بعد السقوط دعا آدم حواء زوجته "أُمُّ كُلِّ حَيٍّ" (التكوين 3: 20). فأصبحت الآن أم كلا من الكرات "البيضاء" الملطخة والكرات "السوداء" في الإناء (العالم). قارن مع المختارين وغير المختارين، كل من الحنطة والزوان (متى 13: 24-30)، الخراف والجداء (متى 25: 31-46)، نسل المرأة ونسل الحية (التكوين 3: 15). وبالتالي، لم يعد هناك الآن فقط كرات "بيضاء" ملطخة بكرة آدم للخطية في الإناء، ولكن أيضًا كرات "سوداء" بحتة - لم تكن يومًا قط "بيضاء" على الإطلاق (يوحنا 8: 44) ولن تصبح بيضاء أبدًا (رؤيا 13: 8، 20: 15). فكل شيء قد تغيّر. جاءت كرات جديدة. وتغيّرت علاقة كل الكرات ببعضها البعض. فكل الخليقة أصبحت الآن فاسدة (قارن رومية 8: 19-23).
إلا أن الله مازال كلي السيادة. وهو عنده كرة "بيضاء" أخرى في جعبته، إن جاز القول. هي، أو بالأحرى هو، "كرة اللُؤْلُؤَة كَثِيرَةَ الثَّمَنِ" (متى 13: 35-46)، كرة "آدم الثاني والأخير" (1 كورنثوس 15: 45، 47 = يسوع)، "كرة نسل المرأة" (التكوين 3: 15)، "كرة الفداء" التي جاءت إلى الجنة بالنعمة (التكوين 3: 21). (لاحظ أن الله لا يغطي الكرات "البيضاء" الملطخة بمجرد أوراق تين من صنع الإنسان، التكوين 3: 7). أوراق التين لا يمكنها إلا أن تغطي ما يكمن تحتها لوقت محدد، وتحتها يوجد السواد (الخطية، الموت، إلخ.) ولكن الله يصنع الثياب ويتمتع بالثياب "البيضاء" الأزلية (دانيال 7: 9، الرؤيا 3: 18، 19: 8، قارن مرقس 9: 3). "إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ" (إشعياء 1: 18، قارن مع الرؤيا 3: 4-5).
جاء يسوع، "كرة اللؤلؤة كثيرة الثمن"، إلى الإناء (العالم) في "ملء الزمان" (غلاطية 4: 4) لقد أتى لخاصته (الكرات "البيضاء" الملطخة)، ولكنه لم يجيء لغيرها (الكرات "السوداء" البحتة، التي لم تكن قط "بيضاء" من قبل). لقد أتي يسوع من أجل "حنطته" (متى 13: 24، "إِنْسَان زَرَعَ زَرْعًا جَيِّدًا فِي حَقْلِهِ" قارن متى 13: 27)، وليس "الزوان" العدو ("جَاءَ عَدُوُّهُ وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى" متى 13: 25، 28). في النهاية، ستفصل كرة اللؤلؤة كثيرة الثمن الكرات "البيضاء" المفدية عن الكرات "السوداء" للأبد ("اجْمَعُوا أَوَّلاً الزَّوَانَ وَاحْزِمُوهُ حُزَمًا لِيُحْرَقَ، وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا إِلَى مَخْزَني" متى 13: 30). في السموات الجديدة والأرض الجديدة (الإناء) (رؤيا 21: 1) توجد 100 كرة "بيضاء" (مختارين قبل تأسيس العالم، أفسس 1: 4-5، 11) بينما سيتكون الجحيم من كرات "سوداء" فقط (الرؤيا 20: 11-15) - "نسل الحية" غير المؤمن (التكوين 3: 15)، أي من لم يأتي "إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ" (يوحنا 10: 10) نسل المرأة (تكوين 3: 15).
الدكتور جوزيف نالي، حاصل على درجة الماجستير في اللاهوت الرعوي والدكتوراه في اللاهوت، هو محرر لاهوتيّ في خدمات الألفيّة الثالثة.